إصرار ولاية طنجة على تعذيب المواطنين وإلحاق الضرر بهم بسبب قرارها الخاطئ


إنه لأمر مؤسف أن تتحول السلطات الإدارية إلى آلية لتعذيب المواطنين وإلحاق الضرر بهم بشكل يتنافى مع وظيفتها المدنية التي تحددها القوانين وفي مقدمتها نص الدستور الذي يفرض على هذه السلطات الحكومية بكل تفرعاتها وكذلك المجالس المنتخبة السعي إلى خدمة المواطن وحماية حقه في الأمن والحياة الكريمة*،حيث لجأت سلطات الولاية إلى تسخير مجلس المدينة في إصدار قرار تعسفي وغير منطقي يقضي بمنع دخول سيارات الأجرة الرابطة بين طنجة ومختلف المناطق القروية والحضرية إلى المدينة تحت ذريعة التخفيف من حركة السير، وصيانة المدينة من الازدحام، وهو ما يعني بالتبعية حرمان الآلاف من سكان العالم القروي من الدخول إلى وسط المدينة بشكل مباشر دون قيود. والحقيقة أن هذا القرار قد أريد فرضه بقوة القانون لغاية واحدة هي السعي إلى إنجاح مشروع المحطة الطرقية الجديدة تحت الضغط والإكراه الذي يطال عموم المرتفقين بعد أن أصبحوا ملزمين بالتنقل إلى هذه المحطة التي تبعد عن وسط المدينة بعشر كيلومترات .. والمشكل هو أن هذا القرار يطال بالدرجة الأولى ساكنة العالم القروي التي لها ارتباط يومي بالمدينة، والتي فرض عليها أيضا التوجه إلى المحطة بدل الدخول إلى المدينة بعيدا عن المعاناة. إن قرار منع حافلات النقل المزدوج وسيارات الأجرة القادمة من خارج المدينة من الدخول إليها، وإلزامها بالتوقف عند المحطة الطرقية، يذكر بالقرارالذي تم العمل به عهد الاستعمار، حيث كان المواطنون من خارج طنجة يمنعون من الدخول إليها إلا بعد المرور بديوانة البرج عند الحدود الشرقية، وديوانة حجرة النحل جنوبا ، وديوانة الخوضر شمالا. وزيادة في إذلال هاته الساكنة، تم الدفع بها لمواجهة المشاكل الناتجة عن هذا القرار الذي لا يقبله العقل والمنطق والاعتبار الإنساني.. فهل من أجل ضمان نجاح قرار إداري خاطئ يتم الزج بآلاف الساكنة وسط أتون الاحتراق بأزمة النقل الحضري في طنجة لتظل نهبا لشبكة “الخطافة” ومزاولي النقل السري، بالإضافة إلى تكبد مشاق التنقل عبر مسافات طويلة على الأقدام، وتحمل التكلفة المالية ومعاناة طول الانتظار والبحث عن وسيلة للتنقل من أجل الذهاب إلى العمل أو العودة إلى البيت ، والأكثر معاناة هم التلاميذ والعمال وسواقة البادية ..
ومن أجل الوقوف على حجم الضر الذي لحق بساكنة العالم القروي التي لا تجد وسيلة للنقل، نحيل أنظار المسؤولين إلى بعض المشاكل التي بدأت تطفو على السطح، وفي مقدمتها المشاكل الأمنية نتيجة تعرض عدد من الأشخاص للاعتداءات بالسرقة على يد العصابات المحترفة للنقل السري، والتي تتحرك بحرية وسلام داخل المدينة، دون أن يكون هناك من يقدر على ردعها. والسؤال هو كيف لا يسري القرار العاملي على هذا الصنف من السيارات التي تشتغل خارج دائرة القانون ؟ ولماذا تتم المغامرة بحياة المواطنين وسلامتهم في غياب توفر أسطول كاف لوسائل النقل الحضري بالمدينة؟. وكيف يتم تقطيع أوصال المدينة عن طريق فرض قرار لا يخدم إلا مصلحة أسطول سيارات النقل السري؟..
ومرة أخرى نتوجه إلى سيادة الوالي مطالبين إياه بالتراجع عن هذا القرار الذي يعمق أزمة النقل العمومي ويساهم في خلق التوتر داخل المجتمع، لكونه يعرض حياة المواطنين للخطر في غياب البديل .. إن قرارا من هذا النوع يمكن تطبيقه، لكن بعد توفير الظروف الملائمة والمساعدة على تنقل المواطنين في أمن وسلام دون أن يطالهم أي اعتداء أو استغلال. ومن غير تعريضهم للعذاب اليومي وضياع مصالحهم. إن الأمر ليس هينا كما يتصور، وهو ما لا يمكن أن يدركه إلا من يعيش في الميدان ويكتوي بنار أزمة النقل العمومي كل يوم، ولا يمكن أن يحس به القابعون داخل الغرف المكيفة لأنهم لا يتحركون إلا على متن سيارتهم الفارهة .. فمن كانت هذه حالته، فلا يستغرب من الموقف المعادي لكل ما يرتبط بالحس الإنساني والعطف على الضعفاء والمساكين العزل الذين يتنقلون بصعوبة وأيديهم على قلوبهم خوفا من التعرض للأذى أو عدم إدراك وجهتهم، والأسوأ هو القبول بتحمل ركوب وسائل النقل العشوائي المهين والمحفوف بأخطار السلامة.
ومن أجل الوقوف على حجم الكارثة التي تسبب فيها هذا القرار، نرفق هذه الرسالة المفتوحة بشريط فيديو يضم تصريحات صادمة للمتضررين من هذا القرار، والذين ينقلون معاناتهم اليومية، و هم يعكسون كل ما يتكبدونه من مشاق بسبب غياب وسائل النقل العمومي. وما يلحقهم من اعتداءات خطيرة ذهب ضحيتها عدد من الأشخاص على يد المجرمين ومتحرفي النقل السري ..
فهل هذه هي صورة طنجة التي يسوقها المسؤولون الذي يظلون في كل واد يهمون، بسبب داء انفصام الشخصية الإدارية.

المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين
02-02-2020
*الإحالة المرجعية : أ) نص الدستور
الفصل 19- ” يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية ”
الفصل 21- ” لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته” – “تضمن السلطات العمومية سلامة السكان”.
الفصل 23- “لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية ..”
الفصل 24- “حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه، والخروج منه، والعودة إليه مضمونة للجميع وفق القانون ..”
ب) الميثاق العالمي لحقوق الإنسان :
المادة 3
“لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه”
المادة 13
1-لكلِّ فرد حقٌّ في حرِّية التنقُّل وفي اختيار محلِّ إقامته داخل حدود الدولة
2-لكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده.

Related posts

Leave a Comment