تنامي ظاهرة النقل السري بطنجة نتيجة التطبيع مع العشوائية

نقلت وسائل التواصل الاجتماعي خلال هذا الأسبوع مشهدا رهيبا يتعلق بتعمد سائقين الاصطدام بين سيارتين للنقل السري بسبب دخولهما في نزاع لأسباب قد تتعلق بالتنافس غير الشريف على استقطاب الزبناء عند نقطة بالطريق الوطنية (1)، وهو الشارع الرئيسي الذي يتميز بالحركة الدائبة والمكثفة لعربات السير، وقد جرت المعركة بين الطرفين بواسطة العربتين من نوع “فوركون” محملتين بالركاب الذين عاشوا حالة من الرعب والخوف على حياتهم بسبب حماقة السائقين اللذين ألقي عليهما القبض فيما بعد من طرف أجهزة الأمن .. وقد كادت إحدى العربتين وهي تتحرك بهستيرية في عرض الطريق أن تتسبب في وقوع جملة من الحوادث في آن واحد، الأمر الذي أثار موجة من الرعب والقلق في نفوس كل من عاين ذلك المشهد المؤلم الذي يدل على مستوى الفوضى التي يمارسها سائقو مثل هذا النوع من النقل الذي يعمل خارج سلطة القانون ..
ومن خلال تتبع هذا الخبر وتداعيات الحادث، يظل السؤال المطروح هو؛ ماذا بعد كل ما جرى؟، هل ستسحب الرخصة من السائقين ويحرما مستقبلا من ممارسة هذا العمل غير المشروع حماية لأرواح المواطنين واحتراما للقانون الذي يجب أن يسري على الجميع؟، أم أن الإجراء المتخذ في حقهما يظل يكتسي طابعا مؤقتا، وأن كل شيء سيتم تسويته حبيا وكفى الله المومنين القتال؟..
إن هذا الحادث الذي طفا إلى السطح، ليس إلا النقطة التي أفاضت الكأس، لأن هذا النوع من الممارسات ليس جديدا، فهو أمر معتاد ومشروع في عالم هذا القطاع المنفلت الذي لا يتحكم أحد في زمامه، بل هو ينشط بكل حرية وبتزكية من المسؤولين، لأن معظم وسائل النقل المستعملة تكون في ملك أشخاص نافذين من رجال السلطة، ولذلك يتم غض الطرف عن هذه الظاهرة، بل يتم الحرص على حمايتها ورعايتها منذ عدة عقود ما دامت فيها مصلحة للطرفين، تتغذى عليها جهات تعمل خلف الستار. ولذلك لا يوجد مبرر حقيقي في نظرها لوضع حد لهذه المهنة التي يقتات عليها عدد من الأشخاص والعائلات، كما أنها تخفف من أزمة النقل العمومي التي يعاني منها عموم ساكنة ولاية طنجة.. فيكون الرابح الأكبر في النهاية هي تلك الجهات والشبكات التي تمتلك العربات والوسائل المستعملة لهذه الغاية والتي تتوصل بحصتها من الغنيمة كل يوم.. ويشمل ذلك قسما كبيرا من سيارات النقل السري والمزدوج وسيارات نقل العمال ..
لم يعد هناك مسوغ للحديث عن النقل السري، لأن مثل هذه العربات تشتغل في واضحة النهار وتتحرك وسط المدينة بكل حرية، وهي موزعة على ثلاثة مستويات: النقل المزدوج، ونقل العمال، وهما يعملان بترخيص قانوني في نظر السلطات، ثم النقل السري الذي يشتغل بترخيص تحت الطاولة، لكن القاسم المشترك بين العناصر الثلاثة هو العشوائية والفوضى في طريقة تعاملهم مع قانون السير ومع حقوق المرتفقين، حيث لا يخلو أي صنف من المشاكل التي تلحق الضرر بمصالح المواطنين، كما أنها تتسبب في وقوع حوادث قاتلة باستمرار بسبب الطيش وغياب النضج لدى أغلب السائقين نتيجة غياب الصرامة في تطبيق القانون، ثم تساهل السلطات الإدارية والأمنية مع أنواع الخروقات التي تمارس جهارا كل يوم، فلا يتم التدخل إلا عند وقوع الكارثة ..
وفي سياق مقاربتنا لهذا الملف الشائك والمعقد، يمكن تسليط الضوء على الجانب الإيجابي والجانب السلبي في تجربة هذا القطاع المركب الذي أصبح جزءا من الواقع الاجتماعي داخل كل المدن..
الجانب الإيجابي: إن هذا القطاع بمكوناته الثلاثة قد فرضته الظروف الاجتماعية وحاجة الناس إلى وسائل النقل العمومي بسبب الأزمة الدائمة لقطاع النقل الحضري الذي عجزت المجالس والإدارة الترابية عن معالجتها طيلة المراحل السابقة، وما زال الوضع مرشحا للتفاقم بسبب فشل شركات التدبير المفوض في توفير التغطية الكافية لتراب الولاية، ثم احترام دفاتر الشروط فيما يخص تقديم الخدمات اللائقة للمرتفقين
، مما كان سببا في تعميق الهوة بين المواطنين وقطاع النقل الحضري الذي لا يغطي إلا نسبة محدودة من الطلبات، وهو ما يشجع عموم المرتفقين على البحث عن بديل لحل مشكل التنقل وقطع المسافات الطوال التي لا يغطيها النقل الحضري بالشكل اللائق، فلا يجدون ضالتهم إلا في سيارات النقل العشوائي بأقسامه الثلاثة، حيث يلجأون إليه مكرهين كحل لمشاكلهم .. فمن هذا الجانب يمكن الجزم بأنه لولا هذا القطاع العريض من سيارات النقل العشوائي لما تمكن الكثير من المواطنين من الوصول إلى دورهم أو مقرات عملهم .. بل رأينا كيف امتد دوره وتغلغل أخطبوطه داخل الأحياء والقرى وبجوار المحطات الطرقية وفي الأسواق من أجل البحث عن موطئ قدم إلى جانب سيارات الأجرة وحافلات النقل الحضري والنقل الطرقي.. فهو يساهم في نقل سكان البوادي وكذلك التلاميذ وسواقة العالم القروي وكذلك البضائع والسلع من الأسواق، بل يقوم بدور نقل الفرق الرياضية وتنظيم الرحلات الجماعية، ومرافقة الجنائز والأعراس ونقل المصطافين إلى الشواطئ والمنتزهات ونقل تلاميذ المدارس.. بل هناك من يقوم بدور مزدوج مثل حافلات نقل العمال.. فمن هذا الجانب لا يمكن نفي الدور الإيجابي لهذا القطاع المركب، هذا فضلا عما يوفره من مناصب الشغل لأنه يعول الآلاف من العائلات..كما أنه يقرب المواطنين من وسائل النقل التي يجعلها متاحة أمامهم في كل الأوقات وإلى كل الاتجاهات.. ثم عدم وجود توقيت محدد لعمله، فهو يتحرك في كل الاتجاهات بحثا عن الزبناء بأي ثمن؛ وفي ذلك تكون المصلحة متبادلة بينه وبين الزبون.. الأمر الذي يعكس غياب الوعي لدى المرتفقين الذين يغامرون بحياتهم ويعرضون أنفسهم للخطر الشامل..
الجانب السلبي: يكمن بالدرجة الأولى في فوضوية هذا القطاع غير المنضبط، حيث يبدو أنه لم تعد هناك أي جهة قادرة على كبح جماحه وإخضاعه للإطار القانوني، مما جعل منه قنبلة موقوتة ومصدر قلق وتوتر داخل المجتمع بسبب الخروقات المتعددة التي ترافقه، ثم السلوكات الطائشة واللاأخلاقية لبعض سائقيه الذين لا يتوفرون على أهلية قيادة هذا النوع من السيارات النفعية، وقد وصل الأمر ببعضهم إلى اقتراف جرائم كبيرة الحجم خلال عملية السير والجولان، مثلما هو مشاهد في هذا الحادث (الشريط)، وما زال الرأي العام يتذكر مقتل رجل شرطة سنة 2015 على يد أحد السائقين الذي تعمد سحله إلى حد الوفاة، وكذلك مشهد صدم سيارات النقل السري لسيارة الأمن وسط شارع رئيسي وتحدي سائقها لعناصر الشرطة (2018).
* تهديد حياة المواطنين بسبب غياب شروط السلامة، وفي مقدمتها عدم التوفر على الترخيص القانوني، وعدم خضوع السيارات للمراقبة، ثم لجوء مستعمليها إلى عملية تكديس الراكبين الذين يتم نقلهم في ظروف محفوفة بالأخطار، فضلا عن استغلالهم أبشع استغلال وإلزامهم بأداء تسعيرة غير مستقره وإلزامهم بقبول الركوب في أسوأ الوضعيات..
* اعتماد السرعة المفرطة لحرق المسافات والهروب عن نقط المراقبة، والتسابق مع الغير من أجل الفوز برؤوس الزبناء دون مراعاة لحجم المركبة وطاقتها الاستيعابية التي يتم تجاوزها بكثير..
* التسابق مع سيارات الأجرة وحافلات النقل الحضري، ثم ممارسة العربدة عند المحطات من أجل التأثير على الراكبين، وكذلك المغامرة بحياة الراكبين خلال عملية تنقله والتوقف بشكل عبثي وسط الطرقات من أجل التقاط الزبناء هنا وهناك.
* استعمال العنف مع المرتفقين وإرغامهم على القبول بوضعيات مهينة تحط من كرامتهم، ثم القبول بالاستغلال البشع، وذلك عن طريق تكديسهم فوق بعضهم البعض مختلطين ذكورا وإناثا ..
* النزاعات التي تحدث من حين لآخر بين ممتهني هذا النقل عند نقط تجمع الركاب قرب محطات الحافلة أو محطات سيارات الأجرة .
* الأثر السلبي لهذا القطاع على باقي المهنيين بقطاع النقل الحضري، وبالدرجة الأولى سيارات الأجرة التي تتضرر كثيرا من هذه العملية .
* تدهور حالة السيارات المستعملة التي تظل غير خاضعة للمراقبة التقنية والأمنية، مع انعدام التأمين القانوني.
* لجوء بعض سائقي نقل العمال، لنفس السلوك والممارسات المتعلقة بخرق القانون والاعتداء على حقوق المرتفقين وتهديد الأمن العام بسبب العدد الهائل لعربات هذا القطاع التي تتحرك يوميا داخل المدار الحضري محدثة حالة من الاضطراب والفوضى التي تتوج غالبا بوقوع حوادث السير القاتلة.. هذا فضلا عن قيام البعض من هؤلاء بمزاولة النقل السري بنفس الشروط التي يمارس فيها الآخرون ..
* رغم توفر مزاولي مهنة النقل المزدوج على الرخص، فإنهم يظلون يشتغلون بنفس العقلية القائمة على سوء توظيف هذه العربات النفعية، حيث لا يوجد شيء يقيدهم بحسن السلوك والتزام القانون في التعامل مع المرتفقين (على مستوى الثمن وعدد الركاب، والسرعة، ونسبة الملء، والخط المستعمل..).
* حمل العربات للزجاج المعتم الحاجب للرؤية، فضلا عن تغير السائقين الذين تجهل هويتهم، مما يشكل خطرا على السلامة الأمنية للمواطنين، سواء بالنسبة للراكبين أو كل مستعملي الطرق من راجلين وأصحاب العربات..
الآفاق والحلول الممكنة:
إلى حد الساعة لا يبدو في الأفق وجود حل ناجع لهذا المشكل المركب، وهو ما يعني أن المدينة التي تنمو عشوائيا ستظل رهينة لهذا الواقع المؤلم، فالعشوائية على مستوى سياسة المدينة التي يدخل ضمنها التعمير لا يمكن أن تفرز إلا هذا النوع من الظواهر التي يصعب التغلب عليها في غياب البديل.. فحينما نتحدث عن الحضور القوي للنقل السري، نقف في المقابل على ضعف قطاع النقل الحضري، سواء تعلق الأمر بالحافلات أو بسيارات الأجرة، فكلاهما غير قادر على استيعاب الطلب المتزايد على وسائل النقل داخل المدينة ونواحيها، ويبرز ذلك بجلاء داخل محطات الوقوف، حيث يظل المواطنون عرضة للإهمال بسبب عدم وجود حافلة أو سيارة أجرة تستوعبهم .. وهنا يكون اللجوء إلى وسائل النقل السري ضروريا، لأنها تصبح المنقذ الوحيد لهم في مثل هذه الظروف، وما أكثرها، خاصة في ظروف الذروة وخلال الفترة الليلية. والأخطر من ذلك هو أن هذا القطاع قد اتخذ أبعادا أخرى بانضمام أصحاب دراجات الدفع الثلاثي والشاحنات التي تحولت بدورها إلى وسائل لنقل الركاب في المدن والبوادي..
فحين الحديث عن تصور لمعالجة ظاهرة النقل السري، يجب أن ينصب الاهتمام بالدرجة الأولى على التفكير في إيجاد حل لأزمة النقل الحضري التي عجزت الجماعة الحضرية عن معالجتها رغم الوعود المتكررة والتلويح ببعض السيناريوهات التي ما زالت بعيدة المنال.. فحينما يتم حل مشكل قطاع النقل الحضري الخاص بالحافلات من خلال توفير قطاع مهيكل ومؤهل يتوافق مع التطور الذي تعرفه المدينة وفق الشروط التي تشجع الناس على استعمال أدواته، وكذلك تنظيم قطاع سيارات الأجرة وضبط سلوكات المهنيين بشكل يسمح بتحسن الخدمات وضمان احترام حقوق المستهلكين .. ثم التفكير أيضا في طرح بدائل متقدمة وعلى رأسها الميترو والترام .. فآنذاك يحق للمسؤولين الحديث عن عهد نهاية النقل السري أو المفضوح .. فما من شك آنذاك أنه سيتقلص عدد تلك العربات التي تجوب شوارع المدينة، والتي تعد بالآلاف لأن أصحابها لن يجدوا من يركب معهم أو يقبل بخدمتهم الرديئة والمحفوفة بالخطر ..
وفي انتظار الوصول إلى هذه المحطة، يحق لنا التساؤل عن الحل المؤقت. فهل هو الاستسلام التام والاستمرار في التسامح مع هذه الظاهرة والتواطؤ مع أصحب هذا النوع من النقل؟ أم أنه لا بد من الحزم في تطبيق القانون من أجل ردع المخالفات وتجفيف الساحة من الممارسين غير الشرعيين، وذلك من خلال تأطيرهم ومنحهم الرخص لمزاولة عملهم وفق الشروط والمعايير القانونية، مع إخضاعهم لمسطرة حماية حقوق المرتفقين من جميع النواحي ..
وبالنظر لتعدد هذه الممارسات المنحرفة، فإنه يطلب التريث في منح الرخص إلا لمن يستحقها من السائقين الذين يجب أن يخضعوا للتحليل النفسي وللتكوين والأهلية وأن تمنح لهم رخصة الثقة الحقيقية التي تؤهلهم للعمل دون مشاكل.. فلماذا يحرم هؤلاء من حق الحصول على تراخيص مهنية تسمح لهم بالعمل الشريف مع الخضوع لسلطة القانون والقيام بالواجب الوطني، ولماذا لا يتم تشجيعهم على الاستثمار بشكل قانوني ومسؤول في هذا المجال دون عراقيل ومثبطات..؟
ووعيا منها بالظاهرة، مدت كتابة الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك المكلف بالنقل، يدها إلى المشتغلين في القطاع بشكل سري، لمساعدتهم على الاشتغال بشكل قانوني، لاسيما في الوسط القروي، حيث كانت قد دعت العاملين بالقطاع إلى: “تقديم ملفاتهم الخاصة بالنقل المزدوج إلى الوزارة”.
وأشار كاتب الدولة المكلف بالنقل محمد نجيب بوليف، خلال جلسة شفهية بالبرلمان، بتاريخ 11 دجنبر 2017، إلى أن: “الحكومة تقدم وصولات مؤقتة للاشتغال بشكل قانوني ولكن يجب أن تتم تسوية الوضعيات القانونية بعد منح الوصل المؤقت”.
وكان محمد نجيب بوليف قد أعلن بالبرلمان، على أن الحكومة: “مستعدة لتقديم التراخيص لجميع الذين يتقدمون بطلبات على المستوى الإقليمي وكذلك الوطني للخروج من النوار إلى القانون”، منبها إلى أن: “البعض بمجرد ما تثقله مصاريف إضافية حتى يفضل الاشتغال خارج القانون”.
غير أن الكاتب العام المكلف بالنقل، لم يتحدث حينها عن النقل السري بالوسط الحضري، بالرغم من تحذيرات نواب الأمة من الموضوع.
وفي هذا الصدد، تحدثت بيان اليوم مع مجموعة من السائقين وأصحاب العربات خصوصا في العالم القروي، عن سبب رفضهم طلب رخصة النقل المزدوج، فكان جواب جلهم أن: “دفتر التحملات المتعلق باستغلال خدمات النقل المزدوج”، جاء بشروط قاسية وتعجيزية يصعب عليهم توفيرها وتنفيذها على أرض الواقع”.*.
ولقد سبق للرابطة إثارة هذا الموضوع أكثر من مرة محذرة من خطر التساهل مع هذه الظاهرة والتخلي نهائيا عن حماية أرواح المواطنين، وذلك من خلال تقييد مهنيي القطاع بضوابط صارمة على مستوى عربات السير المستعملة، وفي مقدمتها وجوب التقيد باستعمال جهاز محدد السرعة، ثم حمل جهاز تطبيق (جي. بي. إس) لضبط عدد الركاب، وكذلك المسارات المستعملة.
وخلاصة القول في هذا الباب، هي إمكانية الجزم بوجود جهات ضاغطة تحرص على استمرار القطاع السري العشوائي على مستوى هذا القطاع لأنه بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا، ولذلك يتم عمدا إهمال النقل الحضري وعرقلة عملية تطويره لإتاحة المجال أمام هذا الأخطبوط لينتشر أكثر وليفرض شروطه التي لم تعد تشكل استثناء..

*النقل السري.. القاتل الصامت/ بيان اليوم 17-1-2019

عدددها أكثر من 3 آلاف.. مركبات نقل العمال “مقاتلات” تزرع الرعب بشوارع طنجة

تم ترسيخ فكر “السائق المتهور هو السائق المحترف”

لكم
الأحد 01 أبريل 2018 | 10:34
الساعة، السابعة صباحا، المكان، مفترق الطرق المحادي للمقر الأمني الرئيسي للمنطقة الثانية ـ بني مكادة، حيث إحدى مداخل المنطقة الصناعية المجد بالعوامة، الحدث: صراخ وضجيج، ولغط وتبادل للاتهامات، مع استعمال الصفات والكلمات الحاطة من الكرامة، بسبب من يمر الأول، في أجواء تفرض فيها ناقلات العمال نفسها رغم أنف القانون المنظم لعملية السير، بشكل مبالغ فيه يضرب في العمق الأخلاق والأعراف .
هذه واحدة من عشرات المشاهد التي تحدث يوميا عبر مجموعة من مفترقات الطرق بمدينة طنجة التي تعتبر عمالية بامتياز، مما يطرح معه أسئلة كثيرة حول من يتحمل المسؤولية في هاته الفوضى التي تعرفها شوارع المدينة، خاصة في فترات الذروة الصباحية والمسائية، بالنظر للكم الهائل من الناقلات.
وجاءت حادثة اصطدام عربة لنقل العمال بقطار لنقل البضائع بمنطقة العوامة يوم السبت 17 فبراير الماضي، والتي خلفت 7 قتلى و14 جريحا، وما جاء بعدها من حوادث خطيرة تسببت فيها ناقلات العمال خلفت أيضا قتلى وجرحى، لتعيد هذا الملف إلى الواجهة من جديد، والفوضى التي تحدثها عربات نقل العمال التي أصبحت توصف بطنجة بـ”مقاتلات الموت”، بالنظر لما تحدثه من ترويع سواء في نفوس الراجلين أو حتى الراكبين .
لتسليط الضوء على هذا الموضوع، تواصلنا مع رضا الحسناوي عن “المرصد الوطني للنقل وحقوق السائق”، واستقينا رأيا لعبد الكريم بنخياري عضو مكتب “جمعية الوحدة لأرباب نقل العمال”، كما أن تصريح محمد نجيب بوليف الوزير المكلف بالنقل لموقع “لكم” كان حاضرا.
معطيات رقمية
المعطيات الرقمية التي حصل عليها موقع “لكم” من المرصد الوطني للنقل وحقوق السائق المهني بجهة طنجة تطوان الحسيمة، تقول أن عدد سائقي نقل العمال بطنجة يناهز 3000 سائق، ينتمون لشركات يصل عددها إلى 600 شركة، 200 منها فقط من تتوفر على رخصة، وثلاث شركات فقط يفوق أسطولها 100 ناقلة، و7 شركات أسطولها ما بين 20 و 100 مركبة، و390 شركة تتوفرعلى ما بين مركبة واحدة و 20 مركبة، مما يعطينا رقما مخيفا يفسر لنا جزء من المشاكل التي يعرفها قطاع نقل العمال بعروس الشمال، وهو أن على كل سائق من أصل 3000، أن يقوم بنقل حوالي 260 مستخدم في اليوم، في ظرف مدة قصيرة عبر 6 رحلات ذهابا وإيابا .
أما بخصوص طريقة اشتغال السائق حسب معطيات “المرصد الوطني للنقل”، فإنه يبدأ عمله في الرابعة والنصف صباحا، وتنتهي فترته الصباحية في التاسعة صباحا من المفروض أن يكون قد قام بـ 6 رحلات، ثم يعود في الواحدة بعد الظهر إلى السابعة مساء يقوم خلال هاته الفترة ب 8 رحلات، ثم يعود للعمل في التاسعة ليلا وينتهي في منتصف الليل ويقوم خلالها برحلتين أو ثلاث.. بمعنى أن سائق نقل العمال بطنجة ينام 4 ساعات ليلا وساعتين بالنهار، يقول رضا الحسناوي الرئيس المنتدب لدى المرصد الوطني للنقل وحقوق السائق المهني بجهة طنجة تطوان الحسيمة، في حديث مع موقع “لكم”.
%90 من السائقين لا تجمعهم مع الشركة التي يشتغلون بها إلا مفاتيح العربة
بخصوص وضعية سائق نقل العمال، قال رضا الحسناوي عن “المرصد الوطني للنقل وحقوق السائق”، “يؤسفني أن أقول أن أكثر من %90 من السائقين لا تجمعهم مع الشركة التي يشتغلون بها إلا مفاتيح السيارة، لا عقد عمل، لا تصريح به لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لا عطلة سنوية، لا أجرة تضمن له العيش الكريم، لا ساعات عمل محددة..”.
وأضاف في حديث مع موقع “لكم”، “لقد تعودنا بأن توجه أصابع الاتهام من طرف المجتمع المدني للسائق بحكم أن الأخير هو من في الواجهة ومن وراء المقود، وبالتالي فالفكر السائد هو أن السائق المسؤول الأول عن عملية السياقة وبالتالي إذا وقع حادث ما فإنه يتحمل النصيب الأكبر من المسؤولية..”
وأشار المتحدث إلى أن “هذا الفكرة قد تكون صحيحة إذا ما كان الحديث عن سائق سيارة عادية أما عن السائق المهني، فلا يمكن اعتباره المسؤول الوحيد عن عملية السياقة بالنظر لوجود متدخلين آخرين يتحكمون في مسيرته وأيضا في طريقة سياقته، ناهيك طبعا عن الحالة النفسية التي يعيشها أثناء السياقة بحكم الظروف الاجتماعية التي يعاني منها..”.
فسائق نقل العمال ـ يضيف ممثل هيئة السائق ـ “يتحكم في طريقة سياقته الزبون والمشغل، فهو على عكس السائق العادي، هو لديه وقت محدد للانطلاق ووقت محدد للوصول، ولديه متتبع طيلة وقت السياقة يتبعه بالهاتف وأيضا بجهاز تتبع المسار ” GPRS ” ويطلب منه تغيير مساره في آخر لحظة كما يطلب منه الإسراع للحاق برحلة ثانية أو لأجل نقل عمال حافلة أخرى أصيبت بأعطاب..”. مؤكدا “على أن سائق نقل العمال إذا ما تأخر في رحلة واحدة لدقيقتين فقط فإنه سيتوصل بإنذار وبتوبيخ من مشغله وإن أعادها مرة ثانية داخل مدة شهر فيتم خصم ما يقارب 500 درهم من مرتبه كذعيرة لأن الزبون اقتطعها لمشغله..”.
تم ترسيخ فكر “السائق المتهور هو السائق المحترف”
في ظل هذه الفوضى والعشوائية التي يعرفها القطاع، اعتبر رضا الحسناوي أنه تم ترسيخ فكرة للأسف بين الفاعلين مفادها أن “السائق المتهور هو السائق المحترف ” لأنه يقوم بعدد أكبر من الرحلات بدون تأخير”، مؤكدا على أن السائق المحترف يرفض العمل مع الشركات في صيغتها الحالية، لأنها تحرمهم بحسبه “من حقوقهم ولا تعوضهم بالشكل المناسب عن عملهم كما لا تصرح بهم وبالتالي فمعظم أصحاب الشركات يشغلون بعض السائقين دون حتى النظر لرخصة سياقتهم، يتفق معهم فقط على عدد الرحلات وعلى عدم التأخير”.
وقال الحسناوي في حديثه مع موقع “لكم”، “إن السائق الذي يعلم أنه إن تأخر سيقتطع من أجره الذي لا يتجاوز 3000 درهم، مبلغ 500 درهم، فإنه يفعل ما في جهده لكي لا يتأخر، لذلك يسرع..”.
وعن مبادرات “المرصد الوطني للنقل وحقوق السائق المهني بجهة طنجة تطوان الحسيمة”، للحد من هذه المشاكل قال رضا الحسناوي “في السنة الأخيرة ورغم المشاكل العالقة مع وزارة النقل، إلا أننا نظمنا ثلاث لقاءات دراسية حول هذا الموضوع كما وأننا نستغل المواقع التواصلية والاجتماعية لتوعية السائقين بخطورة الوضع.. ولدينا اليوم مجموعتين على الواتساب كل واحدة فيهم بها 256 سائقي وهم يتجاوبون بشكل جيد”.
في هذا الصدد يضيف ممثل هيئة السائقين، “طالبنا الوالي بعقد اجتماعات للجنة الإقليمية لمناقشة ودراسة هاته المشاكل وإيجاد حلول جذرية لها، ولقد جهزنا خريطة طريق ومخطط استراتيجي لهذا الإصلاح ننتظر فقط تعليمات السيد الوالي في هذا الشأن”، كما “طالبنا المشغلين ولا زلنا نطلب منهم التوقف عن الاعتماد على شركات المناولة لأن ذلك يعتبر أهم أسباب الحوادث والسرعة والعشوائية لأن الشركات المناولة تشتغل بشكل غير قانوني وتفعل ما تشاء لتدر الربح المطلوب والحقيقة أن أكثر من %70 من العمال ينقلون بطريقة غير قانونية أي كأنهم يركبون النقل السري”.
الحسناوي: هذه رسائلي إلى من يهمهم الأمر
وجه رضا الحسناوي عبر موقع “لكم” رسائل، أولها لوالي جهة طنجة تطوان الحسيمة ولوالي الأمن، حيث طالبهم بالتأكد من وجود العقد الذي يجمع صاحب شركة النقل والآمر بالنقل ” الزبون ” على متن المركبة من ضمن باقي الأوراق، وأن لا يكتفوا بالتحقق من وجود علبة الإسعافات الأولية فقط ،، فالوقاية خير من العلاج.
والرسالة الثانية وجهها للشركات المتعددة الجنسيات بالمناطق الصناعية والتي تستغل هاته العشوائية وتقبل بها مقابل ربح دراهم معدودات في كل رحلة، وأنهم يعرضون حياة العمال للخطر ويسمحون بنقل عمالهم بطريقة غير قانونية ” نقل سري ” ما داموا يوافقون على الاعتماد على المناولة وهي الغير قانونية .
أما الرسالة الثالثة فقد وجهها لأصحاب شركات نقل المستخدمين كي يسووا وضعية سائقيهم، وأن لا يستغلوا خدمات سائقين لا يملكون تجربة أو خبرة أو احتراف في القيادة.
شركات نقل العمال ترفض الاتهامات الموجهة إليها
من جانبه رفض عبد الكريم بنخياري عضو مكتب “جمعية الوحدة لأرباب نقل العمال”، الاتهامات التي توجه للشركات المهنية، داعيا السلطات إلى تحمل مسؤولياتها بشأن الشركات الغير مهنية، فمن الملاحظات التي نسجلها ـ يقول المتحدث في تصريح لموقع “لكم”، أن الوزارة المعنية حررت القطاع، مما أثر سلبا على الميدان، مضيفا أن من لديه ناقلة يستعملها في نقل العمال، فالصيدلي لديه عربات نقل العمال، وكذلك الأمر مع الطبيب والحداد، والمهاجر..وهكذا، حتى أصبحنا أناس لا علاقة لهم بالميدان لديهم ناقلات لنقل العمل، ولا نعرفهم، ولم يسبق لنا أن وقفنا على تجارب سابقة لهم في قطاع النقل، في حين الأمر يحتاج إلى دفتر تحملات.
وقال المتحدث في ذات التصريح، لا يمكن لمستثمر في النقل أن يشتري ناقلة للعمال ب 50 مليون سنتيم، ويعطيها لسائق ليضربها في الحائط، وبالتالي فاتهام أصحاب الشركات لا أساس له من الصحة، خاصة إذا علمنا أن معظم الشركات أخذت قروض من أجل توفير عربات النقل، فإذا وقعت حادثة ستصبح غدا مفلسة، وهناك من يستغل صمتنا ليروج عنا كلاما غير صحيح.
واعتبر عضو مكتب جمعية الوحدة لأرباب نقل العمال، أن الشركات الكبرى لا يمكن لها أن تغامر، وأن تضغط على السائق، لتحقيق أكبر قدر من الرحلات.
وأوضح أن من بين أسباب معاناة السائق، ضيق الباب الرئيسي للمنطقة الصناعية “اكزناية”، ولنعلم حجم معاناة السائق ـ يضيف ـ فهذا المدخل يمر منه حوالي 1000 ناقلة للعمال في كل ساعة، وهو ما يعني انتظار لمدة لا تقل عن 20 دقيقة في الدخول وفي الخروج، فيضطر السائق الى السرعة لاستكمال باقي الرحلات، مشيرا إلى الاقتراح الذي تقموا به ويتعلق بفتح الباب التي تطل على المطار لتخفيف الضغط، لكن لا حياة لمن تنادي.
إلى ذلك دعا المتحدث إلى تطبيق القانون في حق كل من ثبت في حقه مخالفة مدونة السير، داعيا كذلك المسؤولين إلى التجاوب والاستماع، مذكرا بأهمية القطاع الذي يشتغل 24 على 24، وينقل زهاء 300 ألف عامل في اليوم، وهو أمر ليس بسهل، يختم تصريحه لموقع “لكم”.
بوليف: تنظيم النقل من اختصاص السلطات والمصالح الإقليمية
أما محمد نجيب بوليف كاتب الدولة المكلف بالنقل، فقد اعتبر أن ملف نقل المستخدمين بطنجة يتداخل في استغلاله المهنيون وأصحاب المال! مما يجعل أهداف المستثمرين مختلفة، مضيفا في حديث مع موقع “لكم” أن هناك فئة قليلة هي التي تخدم القطاع، مقابل فئة تبحث عن الربح، وبكل الطرق..”.
وأوضح الوزير أن الكثير من شركات النقل “يستعملون سائقين ليست لهم الكفاءة الضرورية، مما يسهل استغلالهم اجتماعيا واجريا”،مشيرا إلى أننا “لا نسمع للمهنيين بلاغات وبيانات في حالات الحوادث المميتة وما أكثرها، وكأنها تهم الآخرين..”، مؤكدا على أن المنافسة تدفع البعض بقبول أسعار متدنية لنقل المستخدمين، مما يجعل الجودة في الحضيض، والسرعة للوصول هي الهدف.
في ذات السياق قال الوزير لموقع “لكم”: “إن الجمعيات المؤطرة للنقل تطالب بالحقوق ولكن على العموم، تنسى الواجبات! كالتأطير والرفع من الأداء..”، مشيرا إلى أن الوزارة تعقد لقاءات معهم لمناقشة الوضع باستمرار، لكن اختلاف مشاربهم وتعدد هيئاتهم يعرقل توحيد الرؤى..”
وأكد الوزير في تصريحه المقتضب على أن “تنظيم النقل داخل الوسط الحضري من اختصاص السلطات والمصالح الإقليمية ، من حيث الضبط والتدابير الإجرائية”.

طنجة.. توقيف سائقي سيارتين للنقل المزدوج عرضا حياة المواطنين للخطر

رشيد عبود

علم من مصادر مطلعة، أن مصالح الشرطة بولاية أمن طنجة، قد تفاعلت بجدية وسرعة كبيرة، مع مقطع فيديو نُشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يوم أمس الجمعة، يظهر فيه سائقا سيارتين نفعيتين “فوركون” للنقل المزدوج، وهما يتعمدان الاصطدام بمركبتيهما بشارع الجيش الملكي (طريق الرباط) بطنجة، في ظروف عرّضت حياة المواطنين ومستعملي الطريق للخطر.
وقد أسفرت الأبحاث والتحريات المنجزة على ضوء هذا الشريط المتداول، عن تحديد هوية السائقين المشتبه فيهما البالغين من العمر 24 و36 سنة، وذلك قبل أن تتمكن عناصر الشرطة من توقيفهما وإيداع المركبتين بالمستودع البلدي.
وقد تم إخضاع المشتبه فيهما للبحث القضائي الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، وكذا تحديد الخلفيات الحقيقية لارتكاب هذه الأفعال الإجرامية الخطيرة.
علنية “النقل السري” تجتاح طنجة .. قطاع فوضوي يقتات على ندرة وسائل التنقل
المختار الخمليشي نشر في 21 نوفمبر 2021 الساعة 12 و 00 دقيقة

أصبح توصيف “النقل السري” للإشارة إلى ظاهرة “الخطافة”، تعبيرا متجاوزا في نظر الفاعلين المهنيين، إذ أصبح تقديم هذه الخدمة العمومية بشكلها غير القانوني يتخطى جميع مستويات العلنية ويتحول إلى المكشوف تحت شعار “على عينك يا بن عدي”.
تشير الساعة إلى الثامنة مساء، المكان محطة لحافلات النقل الحضري بحي “بوخالف”، جنوبي مدينة طنجة، في هذا المكان، تقف مجموعة من السيارات العادية مزاحمة مكان توقف الحافلة، فيما تتعالى أصوات أشخاص معلنين عن خدمات تنقل صوب وجهات مختلفة. “أرا بني مكادة .. مسنانة .. “.
إنهم “الكوارتية” .. يتكلمون نفس اللغة، ويجيدون كل أبجديات دعوة من هم في حاجة لوسيلة نقل كلما استحال أمر الحظوة بمقعد في سيارة أجرة أو على متن الحافلة، يشتغلون وفق نظام أشبه بالمداومة وأقرب منه إلى “الطورنو”، معظم الوجهات المنادى عليها أحياء شعبية غارقة في التهميش؛ وأصبحت نقطاً يتخوف منها معظم السائقين المهنيين اتقاء لشرور محتملة.
“قاسم” عامل بمقهى؛ 38 عاما، اعتاد الاعتماد على “الخطافة” للوصول إلى منزله الكائن بمنطقة العزيفات، خصوصا في الفترة الليلية. ويقول: “أحيانا يتعذر علي الحصول على سيارة أجرة، فأجدني مضطرا لركوب سيارة بمعية سائق غير مهني، إنه حقا أشبه بمصير مجهول، خصوصاَ وأنه الإقدام على هذه الخطوة مغامرة حقيقية ما قد يترتب عنها من تبعات” .. ولكن نقول” الدنيا فلطايف الله”.. وليست لنا خيارات أخرى غير “الخطافة” حتى وإن كان شعور الراكبين معي أشبه بشعور المختطفين لكن عن طيب خاطرهم.
“سلمى”، تشاطر قاسم نفس الرأي تقريبا مع اختلاف ظروفهما؛ .. “امتطاء سيارة يقودها سائق غير مهني أمر محفوف بالمخاطر”، ولكن الحصول على فرصة لركوب سيارة أجرة في طنجة أصبح عملية جد معقدة، مع إصرار بعض سائقي هاته السيارات “سامحهم الله” على فرض شروطهم التي لا تقبل النقاش على مواطن لا حول له ولا قوة. بحسب هذه الشابة العشرينية.

وفي نظر رضا الحسناوي، المنسق الجهوي للمرصد الوطني للنقل وحقوق السائق المهني بجهة طنجة تطوان الحسيمة، فإن توصيف ظاهرة “الخطافة” بـ النقل السري” أمر يدعو للاستغراب “كيف لا وما نشاهده بشكل يومي وأمام أعين رجال السلطة والمارة وأمام مهنيي النقل من أسطول يعمل بشكل منظم يناقض تماما السرية المسمى بها هذا النوع من النقل.”.
ويرى الحسناوي، ضمن تصريحات لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن التوصيف الذي يليق بهذه الظاهرة، هو النقل “غير المنظم” أو “غير المرخص”، مشيرا إلى أن وراءها “أشخاص يحلو لهم الاستثمار في القطاعات العشوائية هربا من الضرائب،، يدعمهم في ذلك جهات لديها القدرة على حمايتهم وتسهيل عمليات النقل التي يقومون بها”.
ويؤكد الفاعل الجمعوي، أن المدينة تشهد بشكل يومي عددا هائلا من العمليات المندرجة في إطار أنشطة النقل غير المرخص والرحلات المنظمة في هذا القطاع غير المنظم وكل ذلك تحت أنظار السلطات الأمنية. لافتا إلى أنه بالرغم من المجهودات التي تقوم بها المصالح الأمنية، كما يظهر من عدد من المخالفات التي تحرر في هذا الموضوع، إلا أن ذلك غير كاف إطلاقا أمام العدد الهائل لهاته المركبات، ما سمح لهم بفرض نوع من السيطرة على الطرقات كثيرا ما أدى إلى صراعات راح ضحيتها مواطنين أبرياء..
كما حمل المتحدث ذاته، المسؤولية أيضا إلى “جماعة طنجة التي تغمض عينها على المخالفات التي تقوم بها شركة (ألزا) للنقل الحضري وعدم احترامها لدفتر التحملات فيما يخص توفير الحافلات لعدد من الخطوط”، مسجلا في هذا الصدد قيام الشركة الإسبانية بتقليص عدد الحافلات التي كانت تعمل في مجموعة من الخطوط، بسبب ضعف المردودية رغم الدعم الذي تتوصل به من طرف الدولة.
وخلص منسق المرصد المهني، إلى أنه في ظل النقص الرهيب لوسائل النقل “لا يكون أمام المواطن إلا تعريض حياته للخطر واستعمال هاته المركبات غير المرخصة”، داعيا “السلطات أن تتحلى بالشجاعة أكثر وتراقب عددا من الخطوط التي تعرف نشاطا متزايدا لمركبات النقل غير المرخص وأن لا تكتفي بحملات موسمية أو عندما يتحدث الشارع على إثر فضيحة من فضائح هذه الظاهرة”.

Related posts

Leave a Comment