منذ إعلان وزارة العدل عن قرارها المتعلق بفرض الإدلاء بجواز التلقيح، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب تخوض سلسلة من الاحتجاجات للتعبير عن رفضها المبدئي لهذا الإجراء غير العادل، نظرا لعدم قانونيته، واستناده إلى الشطط في استعمال السلطة، ثم لكونه يمس بشرف مهنة المحاماة التي تعد مكونا رئيسيا ضمن الجسم القضائي… ويمكن الجزم بإن هيئات المحامين لا تنطلق من الفراغ، لأن أهل مكة أدرى بشعابها، وخصوصا في الجانب القانوني التي تتذرع به الجهات الرسمية من أجل أن تجعل هذا القرار أمرا واقعا لا بد أن يقر به الجميع ويخضعوا له باعتباره الحل السحري لتنزيل تصورها بخصوص مكافحة جائحة كورونا وللفيروس المتحور بدون حدود.
إن التضامن مع هذه الجمعية الكبيرة من طرف المجتمع المدني، وبالدرجة الأولى من طرف الجمعيات الحقوقية، ليعد أمرا واجبا وموقفا أخلاقيا مطلوبا تجاه أكبر هيئة حقوقية في المغرب شكلت منذ وجودها قلعة عتيدة للدفاع عن دولة الحق والقانون وعن الحق في المحاكمة العادلة، بل مثلت رمزا للصمود والاستقلالية في الدفاع عن حقوق الإنسان، من خلال مواقفها المشرفة التي سطرها عبر تاريخها الطويل العديد من رجالات المحاماة بالمغرب… ولهذا نرى أن هيئة في مثل هذه المكانة لا تستحق أن تذل وأن يمارس في حقها كل ما يسيء إلى شرفها ودورها التاريخي في حماية القانون والدفاع عن مبادئه ومقتضياته..
أما النقطة الأخرى، فتتعلق باقتران عمل هذه الهيئات بحقوق المرتفقين الذين تضرروا بدورهم من القرار. فحينما تطالب جمعية هيئات المحامين” بفتح المحاكم أمام المحامين والمرتفقين دون قيود ووضع حد لجميع مظاهر التطويق الأمني الاستثنائي”، فإنها تضع نفسها ضمنيا على خط الدفاع عن شرائح المرتفقين المغلوبين على أمرهم، والذين ليس لهم إلا الله في مثل هذه الظروف التي يحرمون فيها من متابعة حقوقهم القضائية وسلك كل المساطر التي يخولها لهم القانون .
.والمؤسف هو أن هذه الهيئات الكبيرة تجد نفسها وسط العاصفة، بسبب المواقف المتصلبة للسلطات الحكومية التي لا تريد أن تسقط هيبتها وقدسية قراراتها المثيرة للجدل.. وفي هذا الخضم المضطرب المشبع بنسائم الإهانة والتحقير، “تعرض بعض النقباء وأعضاء المجالس الذين يتوفرون على مكاتب داخل المحاكم للمنع من ولوج مكاتبهم، مما يشكل عدوانا سافرا وتعديا على استقلالية المهنة وتعطيلا للمرفق العام” بحسب بيان الهيئة.
وفي ظل هذه الأجواء المنذرة بمزيد من الاحتقان، لا يسعنا إلا أن نعبر عن:
– شجبنا لقرار السلطات الحكومية الذي لن يزيد الطين إلا بلة، ولن يكون حلا لهذا المشكل المفتعل الذي يؤرق كل دول العالم، دون أن يلجأ أغلبها إلى تبني مثل هذا الإجراء غير المحسوب العواقب.
– تضامننا مع هذا الجسم الحقوقي الذي يستحق كامل التقدير والاحترام والإصغاء لآرائه بدل جرجرته أمام أبواب المحاكم وتعريض أعضائه الشرفاء لأشكال الإهانة الهادفة إلى تبخيس قيمته ودوره داخل المجتمع..
– المطالبة بالحفاظ على استمرارية خدمات المرفق العام للمحاكم والمصالح التابعة لها، مع الحد من القيود التي تحول دون ولوجها بالنسبة لكل المرتفقين الذين يعد لجوؤهم إلى القضاء اضطرارا وليس اختيارا، بحكم أن أغلب المتقاضين يمرون بظروف استثنائية بسبب الاكراهات المتعددة التي يعرفها المسؤولون حق المعرفة..
– التراجع عن هذا القرار الذي يراد له أن يسري مفعوله بالقوة على كل المؤسسات العمومية والخاصة دون تقدير لنتائجه السلبية وتأثيراته المادية والمعنوية القاسية على حياة المواطنين..
المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين
28-12-2021