لا يسعنا أمام هذا المولود الجديد، إلا أن نردد قول القدامى الذين قالوا ” اللهم نصف خسارة ولا الخسارة كلها”، إذ يصدق ذلك على معلمة “فيلا هاريس” التي تعرضت للإهمال المتعمد الذي دام عدة عقود إلى أن تهدمت وهدمت وتعرضت لكل أنواع الاغتصاب والإذلال والسرقة.. ولم يقع التدخل إلا بعد فوات الأوان، أي بعد أن فقدت كل معالمها التي جعلت منها تحفة معمارية منذ إنشائها من طرف صاحبها والتر هاريس عند دخوله المغرب في نهاية القرن 19.. وقد استعمل في ذلك كل أنواع الخبرات الهندسية والفنية من أجل إخراج تلك التحفة الفنية التي كانت تخلب الألباب، كما اعتمد على مختلف أنواع الصناع والحرفيين المغاربة.
وبالعودة إلى النسخة الجديدة لفيلا هاريس بعد عملية الترميم وإعادة البناء، نجد أن هناك فرقا كبيرا بين مشهد الفيلا سابقا والحالة التي آلت إليها، حيث غاب عنها عدد من المرافق، بما فيها قسم من الفيلا الأصلية التي تم هدمها يوم حضور اللجنة الدولية الممثلة لمنظمة اليونيسكو إلى طنجة بهدف تقديم توضيحات بخصوص مطلب إدراج طنجة ضمن لائحة التراث العالمي.. وقد عبر أعضاء تلك اللجنة عن صدمتهم حينما رأوا رأي العين تلك الجريمة التي ترتكب في واضحة النهار، مما جعلهم يخاطبون المسؤولين آنذاك بسخرية” كيف تحلمون بضم طنجة إلى التراث العالمي وأنتم تهدمون التراث وتقتلعونه من جذوره؟ وقد استدلت اللجنة الدولية بجريمة هدم “فيلا هاريس” التي تم الوقوف عليها في ذلك اليوم ..
إن التدخل الذي حصل فيما بعد، وبعد تلكؤ كبير للجهات المسؤولة التي كانت تطمح في تفويت العقار لفائدة القوات الضاغطة من أجل توظيفه في استقبال المشاريع الاستثمارية، والذي قدم في صيغة مشروع إنقاذ، فقد اعتمد عملية إعادة ترميم المشهد من جديد، ولكن بتقنية- متواضعة- لا يمكن أن تضاهي الصورة القديمة لذلك المبنى الذي كان نسيجا متميزا قل له مثيل، سواء على مستوى البناء، وكذلك فيما يخص توزيع المرافق والتجهيزات.. فما زالت الصور القديمة تذكر بذلك العهد البائد.. قاعات فخمة، زخارف ، نقوش على مستوى الجدران والأسقف والأسطح والواجهة..، أقواس وأبواب فاخرة ،أثاث أسطوري، نفائس فنية، حدائق غناء مزينة بمختلف أنواع النباتات والأشجار المحلية والمستوردة من بيئات أخرى، ومسابح وملاعب رياضية، ونافورة في واجهة البناية.. ثم نوعية الأدوات والمواد المستعملة في البناء والزخرفة، وكذلك التحف الفنية التي كانت تزين كل الفضاءات.. لقد كانت الفيلا عبارة عن قصر ملائكي بكل المقاييس، مما جعلها قبلة ومحطة لعدد من الشخصيات العالمية، كما شكلت فضاء لتصوير الأفلام السينمائية، خصوصا خلال فترة استعمالها فندقا لنادي البحر الأبيض المتوسط .
والمؤسف أن هذه الصورة، لم يتبق منها إلا الظل والشبح، أما الجوهر فقد اختفى سواء على مستوى الفضاء الخارجي أو الداخلي:
الفضاء الداخلي:
لقد تمت إعادة ترميم ما تبقى من المبنى بعد هدم معظم مكوناته، ولكن بصورة مخالفة لتصميمه الأصلي وهندسته المتميزة التي اعتمدت نمط البناء المغربي الأندلسي..(عودة إلى الصور القديمة).
اللجوء إلى تجهيز يغلب عليه الطابع الصناعي على مستوى كل الأدوات والتجهيزات المستعملة، سواء بالنسبة للخشب المستعمل، فالخشب ليس هو الخشب، وكذلك الزخرفة المعتمدة على الجبص المطلي بالبني من أجل التمويه وتقديمه في صورة خشب..
كانت الواجهة سابقا مجسدة في حديقة غناء تتوسطها نافورة جميلة اختفت من المشهد، وأقواس انطلاقا من الباب الخارجي.
الفضاء الخارجي:
الفضاء الخارجي، والمقصود به المجال الأخضر الذي تتوسطه البناية الشهيرة. فنتيجة الإهمال الذي طال كل التجهيزات والبنيات التي كانت تؤثث حدائقها، وكذلك الغطاء النباتي والأشجار، إلى جانب الارتجال الذي طبع عملية إعادة تركيب الصورة المراد إخراجها جراء غياب المهنية والتخصص المطلوب في هذا المجال، يلاحظ أن الحصيلة ليست في المستوى المطلوب، فهي لا تشفي الغليل بسبب العيوب والاختلالات التي ترتبط بطبيعة الأشغال المنجزة على كل المستويات. ويبرز ذلك في القضاء كليا على بعض المرافق التي كانت تميز هذا الفضاء، وفي مقدمتها ملاعب كرة المضرب والمسابح التي تم ردمها وتحويلها إلى موقف خصوصي للسيارات تابع لإحدى الشركات. كما أن الممرات المنجزة داخل الحديقة تفتقد إلى الدقة والإتقان في الإنجاز بسبب غياب المراقبة، حيث تحولت صفحة الإسفلت إلى مسحوق غبار تذروه الرياح في كل مكان بسبب الغش في المواد المستعملة، إلى جانب عدد من العيوب التي أدت إلى اقتلاع جادة الممرات وتكون حفر غائرة..
الأشجار بدورها بعد تقلص عددها، فهي تعاني من الإصابة بأمراض تهدد كيانها رغم وجود آليات معالجتها عن طريق ضخ المبيدات.. أما المشكل العويص فهو غياب المرافق الصحية الثابتة، بل حتى التجربة المعتمدة أخيرا عن طريق استعمال مرحاض متنقل بتطوع من إحدى الشركات الخصوصية لا تحل المشكل، لأن الحاوية الوحيدة المستعملة غير كافية، نظرا لتمركزها عند نقطة ثابتة بعيدا عن باقي الجهات داخل الحديقة المترامية الأطراف ..
تشكل فضاءات اللعب الخاصة بالكبار والصغار مكتسبا وقيمة مضافة لزوار الموقع، لكنها تحتاج إلى المراقبة والصيانة وترشيد الاستعمال للحفاظ على فعاليتها. فرغم حداثة التجربة فإنها تعاني من وجود أعطاب تمس بعض الآليات التي أصبحت تشكل خطرا على سلامة المرتفقين، مثل انكسار بعض الآليات وتعطلها عن الخدمة، ووجود نتوءات وحفر ومطبات وحبال كهربائية ..
هذا فضلا عن غياب شروط السلامة بالنسبة لعدد من تلك الآليات المعطلة. بالإضافة إلى وجود أطراف خصوصية مقحمة داخل فضاء عمومي، وذلك من خلال السماح باستعمال ألعاب خصوصية غير مراقبة، ووجود أشخاص مقنعين مجهولي الهوية ينشطون مع الأطفال من خلال تقمص دور المهرج أو المصور..، ثم تسلل ظاهرة استعمال الدواب(كالخيول الصغيرة والكبيرة وسط المنتزه، بالرغم من تأثيرها السلبي والأخطار المرتبطة باستعمالها في غياب الشروط الصحية والأمنية.. وكذلك باعة الأكلات الخفيفة وحلويات الأطفال..
الإدارة والتسيير:
أما الجانب الأخر، فيتعلق بالتنظيم والتأطير، فما زال هذا المرفق في حاجة إلى حسن التدبير، مما يفرض وجود إدارة مؤهلة يكون لها الإشراف الكامل والمستقل على كل المرافق المكونة لهذا المشروع الذي لا يجب أن يخضع لتعدد الرؤوس. وفي هذا الصدد نطالب بأن تكون مواقف السيارات تابعة للمؤسسة، خاضعة لتسييرها وفق شروط تخدم الصالح العام وتشجع المترفقين على الاستعمال، وأن تكون مداخيلها لصالح المؤسسة. فلا يعقل بتاتا أن يظل هذا المرفق مستغلا من طرف جهة خارجية بثمن خيالي(10 دراهم في الساعة)..ونفس الأمر يجب أن ينسحب على كل الأنشطة التجارية العشوائية التي تمارس داخل هذا الفضاء، إذ يجب أن تكون منظمة وخاضعة لإشراف إدارته لحماية المرتفقين من الأخطار وكل أنواع الاستغلال..
هناك جانب آخر يجب الحديث عنه، وهو الوظيفة الموكولة إلى البناية الجديدة. فقد تم اختزالها في شيء واحد هو متحف الفنون التشكيلية، أما ما دون ذلك فهو شيء هامشي وثانوي، علما أن طبيعة هذا الموروث توحي بشيء آخر لأن والتر هاريس كان صحافيا ودبلوماسيا قبل كل شيء، أما الجانب الفني فهو من اللواحق والمكملات في حياته، مما كان يفرض التفكير في خلق جناح مواز خاص بهذا الجانب، بدلا من الاقتصار على الجانب الفني. فرغم اهتمام هاريس بالفن التشكيلي لأن الفيلا كانت مزينة وحافلة باللوحات الفنية، فقد كانت له اهتمامات أخرى منها السينما، وكذلك الكتابة. فهو الكاتب والمؤلف والرحالة والمؤرخ.. وكل هذه الأشياء يجب أن تؤخذ بعين الاهتمام، حتى يحس الزائر للمتحف أنه يعيش حقيقة بين أحضان صانع هذه الأسطورة الفنية..
ولمزيد من التفاصيل بخصوص هذا الملف، نرفق هذا التقرير بالتغطية الهامة التي أنجزها عمر بن شعيب مراسل جريدة المساء سنة 2011، إستنادا إلى موقف الرأي العام المحلي، في الوقت الذي كانت هذه المعلمة مهددة بالزوال والتفويت الكلي إلى لوبيات العقار. وذلك للبرهنة على أن ما يعتبر الآن مكسبا ونصرا لم يأت من فراغ، بل كانت هناك مبادرات وتحركات أثمرت هذه النتيجة التي تستحق الثناء، دون تغطية الشمس بالغربال. وقد كان للرابطة دور السبق في إثارة هذا الملف وإخراجه من دائرة النسيان منذ سنة 2006، وتعرية كل الدسائس المرتبطة به والهادفة إلى طمسه..
ونرجو أن تعتبر الجهات المسؤولة بهذا الدرس، وأن تقوم باستخلاص المعاني والأفكار الإيجابية التي يمكن أن تسهم في تثمين على المشروع المهم الذي يعتبر مكسب لمدينة طنجة وللوطن وللتراث العالمي..
المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين
13-06-2021
“فيلا هاريس” معلمة أثرية تصارع البقاء وتقاوم “وحوش العقار”
والي طنجة يريد تفويت بقعة أرضية تابعة لها لفائدة شركة استثمارية
جريدة المساء : عمر بن شعيب في يوم 17 -02- 2011
على بعد خمسة كيلومترات من وسط طنجة، وفي منطقة مطلة على الشاطئ البلدي، تقع هذه المعلمة التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن التاسع عشر، والتي تعرف باسم “فيلا هاريس”، وهي تصنف ضمن المآثر التاريخية بالمدينة
وخلال السنوات الأخيرة، أصبحت هذه البناية التاريخية وغيرها من البنايات المصنفة لدى مندوبية الآثار مهددة من طرف من يوصفون بالمدينة ب”وحوش العقار”، الذين افترسوا البقع الأرضية بالمدينة وباقي المناطق الخضراء بها، فضلا عن ارتكابهم خروقات مجلجلة على المستوى التعمير.
اليوم، تتم محاولات حثيثة من أجل الاستيلاء على البقع الأرضية المجاورة ل”فيلا هاريس”، من أجل فتح المجال لإقامة مشروع سياحي بالمنطقة.
القصة بدأت عندما وجه والي المدينة، محمد حصاد، رسالة إلى وزارة الثقافة يطالبها برفع يدها عن البقعة الأرضية المحيطة بهذا الموقع التاريخي عبر إخراجها من قائمة المباني التاريخية المصنفة.
وزارة الثقافة لم تنتظر طويلا لتلبية طلب الوالي، فأرسلت لجنة مركزية تضم مفتشين متخصصين في الآثار لزيارة هذا الموقع التاريخي وأعدت تقريرا في الموضوع.
وفي الوقت الذي تروج أنباء داخل الأوساط الثقافية بالمدينة حول إمكانية هدم “فيلاهاريس” نفسها، فإن المفتش الجهوي للمباني والآثار التاريخية بطنجة، توفيق أوزكان، نفى ذلك، وأضاف في تصريح ل”المساء” أن “فيلا هاريس” ما تزال مصنفة ضمن المآثر التاريخية بالمدينة، وأن ما يروج حول هدمها هو “مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة”. غير أن أوزكان يرفض الحديث عن حديقة الفيلا وفضائها الحيوي، إذ تعتبر الفيلا لا شيء بدون هذا الفضاء.
وفي الوقت الذي لم يصدر أي قرار للجنة التي زارت هذا الموقع التاريخي، فإن مصادر داخل وزارة الثقافة أكدت ل”المساء” بأن هناك اتجاها نحو تحويل “الفيلا” إلى فضاء يتم استغلاله في أنشطة ثقافية، أو بناء مكتبة، أو تحويله إلى مكان ترفيهي يستفيد منه سكان مدينة طنجة، حتى لا يبقى المكان مرتعا للصوص والمجرمين
معلمة أثرية تقاوم البقاء
صاحب هذه البناية التاريخية، التي أصبحت تسيل لعاب المنعشين العقاريين، هو الصحافي والكاتب البريطاني الشهير والتر هاريس، الذي استقر في طنجة سنة 1886، وعاش فيها سنوات طويلة.
والتر هاريس، الذي كان يعمل مراسلا لجريدة “تايمز” اللندنية، أشرف بنفسه على بناء هذه الفيلا، وهي عبارة عن قصر رائع مليء بالزخارف والنقوش المرسومة على خشب الأرز. كما أشرف شخصيا على التخطيط لبناء وتهييء عدد من الحدائق والجنان، التي ما تزال تحتوي على العديد من الأشجار المستوردة من بلجيكا. كما اعتمد على الحرفيين المدربين في تركيب الفسيفساء والزليج، مستلهما روعة الفن المغربي، مازجا إياه بطابع الفن الصيني الذي تأثر به خلال رحلاته وأسفاره المختلفة عبر أرجاء المعمور.
ومن شدة حب “هاريس” لطنجة، إنه قدم هذه البناية هدية ثمينة لسكانها، وأمر أن يدفن بها بعد موته، الذي صادف يوم 4 أبريل 1933، إذ وافته المنية بمالطا، قبل أن ينقل إلى مدينة طنجة، حيث دفن في مقبرة كنيسة القديس “أندرو” بجوار فندق “فيلا دي فرانس”.
وبالرغم من أن هذه الإقامة الفخمة- فيلا هاريس- ظلت مستغلة إلى حدود بداية التسعينيات من طرف المجموعة الفندقية “كلوب ميد”، بموجب عقد كراء، فقد أصبح مصيرها مجهولا بسبب الإهمال المتعمد الذي تعرضت له، علما أن العقار يفترض فيه أن يكون محميا من قبل إدارة الأملاك المخزنية، التي تملكت العقار والمباني بموجب القانون الخاص بالأراضي المسترجعة.
وشكلت هذه البناية التاريخية قبلة لكبار الشخصيات العالمية في عهد “والتر هاريس”، وحتى بعد موته، حينما انتقلت ملكيته إلى أحد المقاولين الكبار في عالم الاستثمار السياحي.
ومع نهاية التسعينيات اتخذت السلطات المحلية قرارا بإغلاقه، بعدما تحول هذا المبنى التاريخي الذي يطل على البحر إلى بناية خالية يملؤها المنحرفون واللصوص.
من يحمي فيلا هاريس؟
من يحمي فيلا هاريس؟ سؤال بات يتردد بكثرة مع توالي التهديدات والمخاطر المحدقة بهذا الموقع التاريخي. وقد أصدرت جمعية حماية المستهلك بطنجة بيانا مفصلا ينبه إلى خطورة الاقتراب من هذا الموقع التاريخي، الذي أصبح محط أطماع بعض المنعشين العقارين أو وحوش العقار. وطالبت هذه الجمعية الجهات المسؤولة بحماية هذه الفيلا الأثرية من الأطماع التي تحاول إخراجها من قائمة المباني التاريخية المصنفة.
ويبدو أن الإهمال المستمر لهذه المعلمة التاريخية لمدة تزيد عن عقدين من الزمن، يضع أكثر من علامة استفهام حول مآل هذه الفيلا الأثرية. وتقول الجمعية في هذا السياق إن الإهمال المتعمد هو نهج متبع من أجل تملك العقارات الحساسة بكيفية ناعمة من أجل تجنب إثارة الاحتجاجات، وهو المخطط الذي تم تنفيذه في صمت من أجل إبادة الكثير من المواقع والمباني التاريخية والبيئية في ظل التغطية المضمونة من الجهات النافذة الماسكة بسلطة القرار.
ولم يقف بيان الجمعية عند هذا الحد، بل وصف ما يجري على صعيد معلمة فيلا هاريس بأنه “مجزرة” بيئية وثقافية مدبرة يتم إعدادها بهدوء، حتى لا تلفت الأنظار إليه ويفاجأ السكان بشروع آلات الهدم والتخريب في إسقاط رمز تاريخي وثقافي بالمدينة.
مجالس منتخبة غائبة
المجالس المنتخبة، من جهتها، تبدو آخر من يعلم بالمخاطر التي تهدد المآثر التاريخية بالمدينة، فلا مجلس المدينة ولا المجلس الإقليمي أو الجهوي تطرق في إحدى دوراته إلى المشاكل المحدقة بالمآثر التاريخية بالمدينة.
ووجهت فعاليات المجتمع المدني انتقادات لاذعة إلى المجالس المنتخبة لكونها لم تتدخل من أجل التأكيد على ضرورة الإبقاء على البقعة الأرضية، التي يريد والي المدينة تفويتها إلى مستثمرين سياحيين، ذلك أن هذا الفضاء يعتبر منتجعا طبيعيا وترفيهيا لسكان طنجة، خصوصا أن المدينة تفتقر إلى فضاء من هذا النوع.
ورغم أن هذا الموقع مهيأ بكل المقاييس من أجل أن يتحول إلى مرفق عمومي متعدد الاختصاصات، فإنه لم يجد من يحميه ويدافع عنه. فهذا المكان الفريد يضم قصورا صالحة كفضاءات للأنشطة العامة أو ساحات للألعاب وفضاءات خضراء وأماكن مخصصة للعب والاستجمام، فضلا عن توفره على مسبح ضخم يمكن أن يكون جزءا من أملاك البلدية، على أن يشرف عليه المجلس الإقليمي والجهوي في إطار تجربة واضحة مبنية على دفاتر تحملات تضمن حق ولوج المواطنين إلى خدمات المؤسسة بأثمان معقولة وتفضيلية.
وتأتي عملية الإجهاز على البقعة الأرضية التابعة لفيلا هاريس في الوقت الذي تتم عملية طمس مشبوهة لمعالم هذه البناية الأثرية بكل مكوناته الجاهزة كالمسبح والملاعب الرياضية، بينما يتم الترخيص في منطقة غير بعيدة عن هذه المعلمة التاريخية، ببناء مسبح خاص فوق موقع أثري (قلعة غيلان). كما تتم إقامة فضاءات رياضية لفائدة إحدى المؤسسات المستثمرة في المجال السياحي فوق رمال الشاطئ العمومي.
اليوم أصبح المطلب ملحا على الجهات المسؤولة، سواء كانت سلطات محلية أو منتخبة، في ضرورة فتح تحقيق موسع حول المتسبب في الإجهاز على المواقع التاريخية في المدينة، وحرمان سكانها من فضاءات ترفيهية هم في أمس الحاجة إليها.